من الوعود إلى الواقع.. هل يمكن لترامب تنفيذ سياسته بشأن الهجرة رغم المقاومة الحقوقية والدولية؟
من الوعود إلى الواقع.. هل يمكن لترامب تنفيذ سياسته بشأن الهجرة رغم المقاومة الحقوقية والدولية؟
بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، أعاد دونالد ترامب قضية الهجرة إلى صدارة الجدل السياسي، مع تصريحات حول ترحيل المهاجرين غير الشرعيين وتطبيق سياسات صارمة تستهدف إغلاق الحدود، وهذه الوعود، التي لطالما كانت جزءاً من خطاب ترامب الانتخابي، أثارت تساؤلات حول قدرتها على التنفيذ في ظل تحديات قانونية واجتماعية متوقعة.
تحديات قانونية وجدل إنساني
خلال ولايته الأولى، واجه ترامب صعوبات في تطبيق سياسات الترحيل، خاصة مع اعتراض المحكمة العليا على ترحيل المستفيدين من برنامج "DACA"، الذي يحمي من جاؤوا إلى الولايات المتحدة في طفولتهم.
ووفقاً لتقرير أصدرته "هيومن رايتس ووتش" في 2022، تُعتبر سياسات الترحيل الجماعي انتهاكاً لحقوق الإنسان، إذ تهدد حقوق المهاجرين في الحياة الأسرية وطلب اللجوء، خاصة في ظل ظروف قاسية قد يواجهونها في بلدانهم الأصلية.
تأثيرات اقتصادية بعيدة المدى
اقتصادياً، يُشير تقرير "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" إلى أن المهاجرين يمثلون حوالي 17% من القوة العاملة الأمريكية، خاصة في قطاعات الزراعة والبناء، ومع تشديد عمليات الترحيل، قد تشهد هذه القطاعات نقصاً حاداً في الأيدي العاملة، ما سيؤثر على الاقتصاد بشكل واسع النطاق.
صعوبات داخلية ودولية
على الصعيد السياسي، من المتوقع أن يواجه ترامب معارضة قوية من الكونغرس، حيث سيعمل الديمقراطيون وبعض الجمهوريين المعتدلين على عرقلة أي محاولات لتوسيع سياسات الترحيل، كما تستمر ولايات مثل كاليفورنيا في تبني سياسة "ملاذ آمن"، ما يزيد من التحديات أمام تطبيق سياسات ترامب الجديدة.
تداعيات دولية وعلاقات مضطربة
دولياً، تسببت تصريحات ترامب بانتقادات واسعة من الأمم المتحدة، حيث شدد المفوض السامي لشؤون اللاجئين على أن القيود الصارمة التي تنتهجها بعض الدول، بما فيها الولايات المتحدة، تعدّ خرقاً للاتفاقيات الدولية، كذلك قد يؤدي تشديد سياسات الهجرة إلى توتر العلاقات مع دول أمريكا الوسطى، التي تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على تحويلات مواطنيها من الولايات المتحدة.
تُظهر هذه السياسة المعقدة مدى تداخل قضايا الهجرة مع التحديات القانونية، والاقتصادية، والإنسانية، مما يجعل الملف محط نزاع داخلي ودولي لا يهدأ.
سياسات الهجرة في عهد ترامب
يرى الخبير الحقوقي عبدالله بن زويده أن فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة لعام 2024 قد يعيد قضية الهجرة إلى واجهة النقاش السياسي في الولايات المتحدة؛ فتصريحات ترامب حول ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، التي كانت محور حملاته الانتخابية، تثير تساؤلات حول قدرة إدارته على تنفيذ هذه السياسات بشكل فعلي وتأثيرها على المجتمع الأمريكي.
ويشير بن زويده في تصريحه لـ"جسور بوست" إلى أن سياسات الترحيل الجماعي التي يعتزم ترامب تطبيقها تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان، خاصة المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تحظر الترحيل التعسفي.
كما يلفت إلى أن سياسة الترحيل الجماعي قد تنتهك حقوق الأطفال المهاجرين، إذ تضمن اتفاقية حقوق الطفل حق الأطفال في الحياة الأسرية والتعليم والرعاية الصحية، منوهاً بأن تطبيق مثل هذه السياسة قد يؤدي إلى فصل الأطفال عن عائلاتهم أو إجبارهم على العودة إلى ظروف معيشية قاسية في بلدانهم الأصلية، مما يعد انتهاكًا لحقوقهم الإنسانية.
ويرى بن زويده أن سياسة الترحيل الجماعي لن تسهم فقط في تقويض الحقوق الأساسية للمهاجرين، بل ستُعرِّض الولايات المتحدة لانتقادات دولية، خاصة من المنظمات الدولية مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي تعتبر هذه السياسات انتهاكًا لاتفاقيات حماية اللاجئين.
سياسات الهجرة والمجتمع الأمريكي
من منظور اجتماعي، يعتقد خبير علم الاجتماع طه أبو الحسن أن تصريحات ترامب حول تشديد الرقابة على الحدود وتنفيذ سياسات الترحيل الجماعي تثير قضايا إنسانية واجتماعية معقدة داخل المجتمع الأمريكي، ويرى أبو الحسن أن تنفيذ سياسة الترحيل سيؤدي إلى تهديد استقرار المهاجرين الذين يعتبرون جزءًا كبيرًا من النسيج الاجتماعي الأمريكي، حيث قد يواجه هؤلاء خطر التفكك الأسري أو العودة إلى أوضاع معيشية صعبة في بلدانهم الأصلية.
كما حذر طه أبو الحسن في تصريحه لـ"جسور بوست" من أن سياسات الترحيل الجماعي لن تؤدي فقط إلى تمزيق الأسر المهاجرة، بل ستؤدي أيضًا إلى زيادة التوترات الاجتماعية داخل المجتمع الأمريكي، ففي ظل الحساسيات المتزايدة حول الهوية الوطنية، قد تُشعل تصريحات ترامب مشاعر العداء تجاه المهاجرين وتزيد من الانقسامات العرقية والثقافية، مما يشكل تهديدًا للنسيج الاجتماعي للبلاد، منوها بأن الخطاب الذي يعتمد على التخويف من "الآخر" قد يعزز التمييز العنصري والعنف ضد المهاجرين.
من الناحية الاقتصادية، يوضح أبو الحسن أن العمالة المهاجرة تسهم بشكل كبير في قطاعات حيوية مثل الزراعة والبناء والخدمات، حيث يشكلون نحو 17% من القوة العاملة في الولايات المتحدة، لافتا إلى أن تنفيذ سياسات الترحيل الجماعي قد يؤدي إلى نقص في هذه اليد العاملة، مما قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي ويؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات.